hajjahnews

اليمن بعد ثورة 21 سبتمبر.. التحوّل يتقدّم والوصاية الأمريكية–السعودية تحاول العودة بوجهٍ عدواني

تقرير – أحمد قحيم

بعد عقدٍ من الانعتاق التاريخي الذي صنعته ثورة 21 سبتمبر المجيدة بتحريرها القرار الوطني من قبضة الوصاية الأمريكية–السعودية، يقف اليمن اليوم أمام مشهد إقليمي خطير يعيد إنتاج الهيمنة بصيغ أشد وقاحة: صفقات تريليون دولار، سباق تطبيع مُوسع، توجيهات أمريكية مباشرة لوكلاء الأنظمة الخليجية، واندفاعة سعودية جديدة نحو واشنطن لاستلام “المهام” المرسومة في مشروع يستهدف المنطقة ومحور المقاومة.

وفي مقابل هذا المسار الاستعماري المتجدد، يظهر اليمن في أقوى لحظاته التاريخية: جبهة داخلية مُحصّنة بثورة 21 سبتمبر وهويتها التحررية الإيمانية، وقدرات عسكرية متصاعدة أثبتتها معركة إسناد غزة، وتحذير واضح من قائد الثورة للأنظمة التي تفكّر في إعادة فتح باب العدوان، وعلى رأسها النظام السعودي الذي وجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما:
إما فك الارتباط عن المشروع الأمريكي–الصهيوني… أو المشاركة في مغامرة مدمّرة ستجرّ عليه كلفة غير مسبوقة.

هذا التقرير يضع بين يدي القارئ صورة شاملة للمشهد المتشكل: زيارة ابن سلمان إلى واشنطن، الصفقات المشبوهة، الدور الأمريكي المتسارع، المخططات المرسومة للمنطقة، موقع اليمن في المعادلة، التحذير الثوري، ومعادلة الردع المتنامية التي تقلب الحسابات.

خلفيات زيارة ابن سلمان.. العودة إلى واشنطن لاستلام المهام
لم تكن زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة مجرد جولة دبلوماسية عادية.
ثماني سنوات من التوتر والمقاطعة انتهت فجأة باستقبال رسمي “استثنائي” في البيت الأبيض، استقبال بدا وكأنه حفل تتويج سياسي لرجل أصبحت واشنطن ترى فيه أداة مركزية لا يمكن استبدالها في مشروعها الإقليمي.

تزامنت الزيارة مع أخطر تطور أممي في السنوات الأخيرة:
قرار مجلس الأمن 2803 الذي شرعن الوصاية الدولية على قطاع غزة، وأعاد إدخال الأمم المتحدة في لعبة الهيمنة المباشرة على الشعوب، بضغط أمريكي–صهيوني، ومشاركة دول عربية أبرزها قطر، الإمارات، تركيا، وباكستان.

وبهذا المعنى، جاءت زيارة ابن سلمان امتدادًا طبيعيًا لموجة القرارات الأمريكية التي تعيد رسم خرائط النفوذ، وتبحث عن أدوات تنفيذية جديدة.

لماذا الآن؟ وما الذي تريده أمريكا منه؟
واشنطن تريد من السعودية الآتي:

الانخراط الفعلي في مشروع “اتفاقات إبراهام”.

لعب دور متقدم في الضغط على لبنان وسوريا.

المشاركة في سيناريوهات المواجهة المقبلة مع إيران واليمن ومحور المقاومة.

تسخير المال السعودي لإنعاش الاقتصاد الأمريكي.

دعم مشروع “مجلس السلام” الذي يسعى ترامب عبره إلى فرض وصاية كاملة على القضية الفلسطينية.

وفي المقابل، يريد ابن سلمان من أمريكا:

تعزيز شرعيته الداخلية والخارجية.

الحصول على F-35 ومفاعل نووي مدني.

ضمانات أمريكية بالحماية.

ترتيب دوره في المنطقة باعتباره “الركيزة الخليجية الكبرى”.

لكن كل ذلك كان مجرد واجهة لصفقة أكبر… وأخطر.

صفقات التريليون.. حيث يتحوّل المال السعودي إلى خزينة أمريكية مفتوحة
رفعت السعودية التزاماتها الاستثمارية في أمريكا من 600 مليار إلى تريليون دولار، في أكبر عملية امتصاص اقتصادي للثروات العربية منذ عقود.

هذه الأموال ليست استثمارات طبيعية، بل جزء من “العقد الجديد” بين واشنطن والرياض:
السعودية تشتري صمت أمريكا ودعمها… وأمريكا تبيع الوهم بالقوة مقابل مال لا ينتهي.

ترافق ذلك مع:

صفقات تسليح ضخمة.

مشروع إدخال F-35 إلى السعودية (تحت قيود شديدة).

عقود لشراء 300 دبابة.

تحديث منظومات دفاعية تضمن تفوق العدو الإسرائيلي عليها.

مشاريع اقتصادية مشتركة مرتبطة مباشرة بمصالح عائلة ترامب.

فالقضية هنا ليست “تقاربًا سياسيًا”، بل ارتهان اقتصادي وعسكري كامل.

التطبيع.. خطوة محسوبة في مسار السيطرة الأمريكية
لم تُخفِ واشنطن أن ملف التطبيع يحتل المرتبة الأولى في جدول أعمالها.
التقديرات تشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لجرّ:

السعودية.

لبنان.

سوريا.

إلى قطار التطبيع، مستفيدة من حالة الضعف الاقتصادي، ومن الضغوط الدولية والإقليمية.

وتسعى أمريكا إلى بناء “تحالف جديد” تقوده السعودية، مهمته مواجهة:

إيران.

أنصار الله.

حزب الله.

فصائل المقاومة في العراق وسوريا.

وكل قوى التحرّر في المنطقة.

وهنا يصبح واضحًا أن زيارة ابن سلمان ليست زيارة دعم… بل زيارة استلام مهام.

اليمن.. العقدة الأكبر في المشروع الأمريكي–السعودي
في قلب كل هذا، يقف اليمن باعتباره العائق الأكبر أمام إعادة هندسة المنطقة.

فثورة 21 سبتمبر:

أسقطت الوصاية الأجنبية على القرار اليمني.

أنهت النفوذ الأمريكي–السعودي في مؤسسات الدولة.

أعادت تشكيل الجيش على أسس وطنية مستقلة.

كرّست الهوية الإيمانية كعامل صمود شعبي وسياسي.

نقلت اليمن من دولة تابعة… إلى دولة ذات قرار مستقل بالكامل.

ولهذا بالضبط تقرأ واشنطن والرياض اليمن كـ أكبر تهديد لمشروعهما.

نيران المواجهة القادمة.. والسعودية في دائرة التحذير
تصريحات المجرم نتنياهو وتصعيده ضد اليمن لم تكن منفصلة عن السياق الإقليمي، بل جزء من مخطط أمريكي–صهيوني يتم الإعداد له، ويعتمد على جرّ السعودية إلى قلب المواجهة.

هنا جاء تحذير قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، تحذيرًا واضحًا وقاطعًا:
أي تورط سعودي في المغامرة الأمريكية–الإسرائيلية سيكون ثمنه كارثيًا.

السعودية اليوم أمام خيارين:

فك الارتباط مع المشروع الأمريكي–الإسرائيلي.

أو التورط في حرب شاملة ستطال العمق السعودي ومنشآت النفط والقواعد الأمريكية.

وهو تحذير يستند إلى واقع وليس إلى بلاغة:

قدرة اليمن الصاروخية تجاوزت مدى 2000 كم.

الصواريخ الفرط صوتية أثبتت فاعليتها.

منشآت أرامكو مكشوفة تمامًا.

القواعد الأمريكية محاطة بنطاقات نارية يمنية.

أي حرب قادمة لن تشبه ما قبلها.

معركة إسناد غزة.. انكشاف القدرات اليمنية الجديدة
أظهرت العمليات اليمنية دعماً لغزة أن اليمن يمتلك:

طائرات مسيرة بعيدة المدى.

ترسانة باليستية متطورة.

صواريخ فرط صوتية “هايبر سونيك”.

قدرتها على ضرب أهداف محمية بأقوى نظم الدفاع الجوي.

رؤوسًا حربية بوزن نصف طن.

دقة إصابة عالية ومرونة في المناورة.

هذه القدرات لم تكن معروفة من قبل بالشكل الذي ظهر في معركة الإسناد، وقد غيّرت حسابات العدو تمامًا.

بكلمات أخرى:
اليمن اليوم غير اليمن الذي عرفه تحالف العدوان قبل عشر سنوات.

السعودية أمام الباب الأخير.. هل تنسحب أم تتورط؟
لقد بات واضحًا أن:

واشنطن تريد إشعال المنطقة من جديد.

“تل أبيب” تحاول توسيع دائرة العدوان بعد فشلها في غزة.

والسعودية مطلوبة لتكون “الأداة المركزية”.

لكن القراءة العسكرية تقول إن أي تورط سعودي في حرب جديدة يعني:

ضرب منشآت النفط.

استهداف القواعد الأمريكية.

انتقال المعارك إلى البحر الأحمر.

تهديد خطوط الملاحة.

خسائر تتجاوز كل ما حصل في 9 أعوام من العدوان.

ولهذا فإن الإنذار اليمني كان واضحًا:
أي مغامرة ستكون انتحارًا سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا.

اليمن.. قوة صاعدة في زمن الانهيار الأمريكي–السعودي
العالم يتغيّر..
المنطقة تتفكك تحت ثقل المشاريع الأمريكية..
السعودية تُستنزف ماليًا وعسكريًا..
والعدو الصهيوني يغرق في مأزق استراتيجي غير مسبوق..

وفي المقابل:

اليمن ينهض بثورة 21 سبتمبر المجيدة.

الجبهة الداخلية تُبنى على أساس وطني وهوية إيمانية.

القوات المسلحة تنتقل إلى الجيل الرابع من الردع.

القرار السياسي يتحرّر من الوصاية.

والمعادلة الإقليمية تُعاد كتابتها من جديد.

وبهذا يمكن القول بثقة كاملة:
اليمن اليوم دخل مرحلة حاسم.. مرحلة صنعتها ثورة 21 سبتمبر المباركة، وثبّتتها الإرادة الشعبية، ورسّخها الردع العسكري المتصاعد.