تقرير
في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد جراء العدوان والحصار، تتزايد المبادرات المجتمعية التي يقودها المواطنين في مختلف المحافظات لتحسين البنية التحتية وتخفيف معاناتهم اليومية.
من مديرية الجعفرية في ريمة إلى مديرية بني قيس في حجة وصولا إلى دمت بالضالع، تتجسد إرادة الشعب اليمني في إحداث تغيير حقيقي في واقعهم، متحدين صعوبات الحياة ومجابهين العوائق التي فرضتها الظروف الاستثنائية.
يستعرض هذا التقرير مجموعة من المبادرات المجتمعية التي أطلقها أبناء بعض المناطق في ريمة وحجة والضالع خلال الأيام القليلة الماضية، لتحسين البنية التحتية من خلال شق وتحسين الطرق الحيوية، وهي جهود تمثل نموذجًا حيًا للإرادة الشعبية والتعاون المجتمعي في مواجهة التحديات الصعبة.
شق طريق المقطار في بني واقد: إرادة شعبية تنبع من المعاناة
في مديرية الجعفرية بمحافظة ريمة، قرر أبناء بني واقد أن يكونوا هم من يصنعون الفارق، فبدأوا بمشروع شق طريق المقطار الجبلي، الذي يمتد لمسافة تقارب ثمانية كيلومترات.
هذا المشروع الذي بدأ بجهود ذاتية وتعاون بين المواطنين والدولة، جاء في وقت كانت فيه المنطقة تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل المدارس، الوحدات الصحية، وحتى المساجد.
كان الطريق بمثابة حصار للمواطنين، إذ اضطروا لنقل احتياجاتهم الأساسية على ظهور الدواب بسبب عدم وجود طرق سالكة.
وعبر أحد أبناء المنطقة عن معاناته قائلاً: “عانينا نحن وآباؤنا وأجدادنا، وعندما بدأنا بشق الطريق، شعرنا ببداية التحسن، لكننا ما زلنا نواجه صعوبة في استكمال المشروع.”
تم تنفيذ أول 4 كيلومترات من الطريق باستخدام الأيدي، إلا أن صعوبة التضاريس دفعت الأهالي لاحقًا للاعتماد على المعدات التي وفرتها الدولة عبر وحدة التدخلات الطارئة.
حتى الآن، وصلت التكلفة الإجمالية للمشروع إلى نحو 80 مليون ريال، ومن المتوقع أن تصل إلى 120 مليون ريال عند اكتماله.
شراكة مجتمعية في بني قيس بحجة: شق طريق “خشم” حيوي
وفي محافظة حجة، استجابة لمشاكل الطرق الوعرة التي يعاني منها المواطنون في مناطق عدة، دشنت جمعية بني قيس التعاونية الزراعية بالتعاون مع السلطة المحلية والتعبئة العامة مبادرة شق طريق “خشم” في منطقة المناصرة بعزلة مسعود.
ويمثل هذا المشروع شريانًا حيويًا يربط بين مديريتي الكعيدنة والشاهل، ما سيساهم في تسهيل حركة المواطنين والنقل التجاري والزراعي.
الطريق يخدم أكثر من 14,000 نسمة من سكان المنطقة والمناطق المجاورة.
وأوضح مدير عام المديرية، محمد حسين الشهاري، خلال التدشين أن هذه المبادرة المجتمعية تعكس دور المجتمع المحلي في تحسين البنية التحتية وتعزيز التنمية المحلية.
كما أشاد بالدور البارز للجمعية وأبناء المجتمع في تنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي سيسهم في رفع معاناة الأهالي.
جمعية دمت التعاونية: إصلاح الطرق في الضالع وتفعيل العمل التعاوني
وفي محافظة الضالع، تواصل جمعية دمت التعاونية الزراعية تنفيذ مشاريع مجتمعية لتحسين الطرق في المناطق الريفية.
أحد المشاريع الهامة كان إصلاح طريق “الموضع – القرية القديمة” في عزلة آل عبدالله، الذي يعاني من صعوبات في الوصول والتنقل.
هذا المشروع جاء بدعم كريم من رجل الأعمال الشيخ عبده علي العودي وبإشراف من منسق العزلة علي عبدة سعد العودي.
أكدت الجمعية أن هذا المشروع هو جزء من سلسلة من المبادرات التي تستهدف تحسين الحياة اليومية للمواطنين في هذه المناطق النائية.
وقال القائمون على الجمعية إن هذه المبادرة تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الأهالي والجمعية في خدمة المصلحة العامة.
وأوضحوا أن دعم الجهات الرسمية سيكون ضروريًا لاستمرار هذه المشاريع وتوسيع نطاقها إلى مناطق أخرى تحتاج إلى تدخل عاجل.
إطلاق مبادرة رصف طريق رمة – جبل الشامي
وفي مديرية قعطبة بمحافظة الضالع، أعلنت جمعية قعطبة التعاونية الزراعية عن تدشين المرحلة الثانية من مشروع رصف طريق “رمة – جبل الشامي”.
هذا المشروع يعتبر من المشاريع الحيوية التي تسهم في ربط مناطق الجبل بالوادي وتسهيل حركة المواطنين.
المشروع بدأ بأعمال رفع مخلفات سد الحولجان، بينما تتواصل الجهود لتنفيذ أعمال الرصف في المرحلة الثانية التي يتوقع أن تبدأ قريبًا.
وشارك في نزول ميداني لمتابعة سير المشروع مدير وحدة المبادرات المجتمعية في المحافظة المهندس حامد القحيف، ورئيس الجمعية المهندس عبدالعزيز المعرشي، حيث تم الاتفاق على توفير مهندس مشرف ومعلم بناء لتنفيذ المرحلة الثانية.
وتم أيضًا تحديد احتياجات المشروع من معدات ومواد لضمان استكماله في الوقت المحدد.
مبادرة مجتمعية أخرى لرصف طريق خربة المثيل – نجد بظيع
وفي خطوة أخرى لتوسيع مشاريع البنية التحتية، أطلقت جمعية دمت التعاونية الزراعية مبادرة مجتمعية جديدة لرصف الطريق الرابط بين منطقتي “خربة المثيل” و”نجد بظيع”.
المبادرة حظيت بمشاركة فاعلة من أبناء المجتمع المحلي الذين أبدوا استعدادًا تامًا للمساهمة في إنجاز المشروع.
ويأتي هذا المشروع في إطار الجهود المستمرة لتحسين الطرق في المناطق الريفية ذات التضاريس الوعرة التي كانت تشكل عائقًا أمام حركة المواطنين.
ختاماً
تؤكد هذه المبادرات المجتمعية في ريمة وحجة والضالع أن الشعب اليمني قادر على تجاوز التحديات والمصاعب من خلال التعاون والعمل الجماعي.
فبينما يعاني البلد من صعوبات اقتصادية وظروف استثنائية، يواصل المواطنين إحداث فرق حقيقي في حياتهم من خلال تنفيذ مشاريع خدمية تعود بالنفع على الجميع.
هذه المبادرات التي تنطلق من الإرادة الشعبية، تمثل خطوة نحو تحسين الحياة اليومية لأبناء المناطق النائية، وتستحق دعمًا أكبر من الجهات الرسمية لضمان استدامتها وتوسيع نطاقها لتشمل المزيد من المناطق التي تعاني من الإهمال.
