نبيل الجمل
التصريحات العدوانية المتصاعدة من الإدارة الأمريكية، وتحديدًا تلك الصادرة عن الرئيس دونالد ترامب، ضد فنزويلا، تأتي لتؤكّـد حقيقة راسخة في السياسة الخارجية الأمريكية: وهي استخدام الأعذار الأخلاقية والإنسانية لتغطية الأهداف الاستعمارية الجديدة.
إن التهديدات الأخيرة التي تضمنت اتّهاماتٍ لفنزويلا بـ “تجارة وتهريب المخدَّرات” واتِّخاذ إجراءات مثل “مصادرة ناقلات نفط ضخمة” قبالة السواحل الفنزويلية، ليست سوى ستار دخاني لعملية سيطرة ممنهجة على النفط الفنزويلي، الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد البلاد بنسبة تناهز 90 % من إجمالي العائدات.
فنزويلا، التي تُعتبر أغنى دولة نفطية في أمريكا الجنوبية، تقف اليوم في مرمى نيران الأجندات الأمريكية التي ترى في ثرواتها هدفًا أوليًّا.
لقد جاء الرد الفنزويلي، عبر تصريح الرئيس نيكولاس مادورو، ليفكِّك هذه الألاعيب بعبارة بليغة: “القناع سقط”.
أكّـد مادورو أنّ جوهر القضية ليس تهريب المخدرات، بل هو “النفط الذي يريدون سرقته”.
هذا التصريح يلخص عقودًا من سياسة التدخل، حَيثُ يتم تلفيق التهم واستخدام “مكافحة المخدرات” أَو “نشر الديمقراطية” كعذر لغزو الدول أَو الإطاحة بأنظمتها.
إن الإمبريالية، كما وصفها مادورو، تسعى لسرقة النفط والإسفلت والغاز، لكن الرد الفنزويلي كان واضحًا وحاسمًا: “أيها اللص اذهب بعيدًا من هنا”.
إن مقاومة فنزويلا للهيمنة الأمريكية ليست حديثة العهد، بل هي متجذرة في مسار بدأه الرئيس الراحل هوغو تشافيز.
فنزويلا دولة رائدة في رفض هيمنة محور الشر، وتتميز بمواقفها الثابتة والشجاعة في دعم قضية فلسطين وغزة؛ ما يجعلها هدفًا مضاعفًا للعقاب من واشنطن التي لا تتسامح مع أية دولة تخرج عن فلك سيطرتها أَو تتعاطف مع قضايا المقاومة.
ما يجري هو تجسيد للمبدأ الذي تتبعه أمريكا في كُـلّ قضية دولية: استخدام الأعذار الجاهزة والاتّهامات الزائفة لتنفيذ مهامها وخططها للهيمنة العالمية.
الهدف النهائي ليس إيقاف تجارة المخدرات، بل هو استغلال الثروات لمصلحتها الخَاصَّة وتأمين مصادر الطاقة والسيطرة على مقدرات الدول.
إن إصرار مادورو على أن “فنزويلا ستدافع عن سيادتها ومواردها وستنتصر”، وتأكيده على أنه “لا للحرب؛ مِن أجلِ النفط، ولا للدماء؛ مِن أجلِ النفط”، هو إعلان عن أن الشعب الفنزويلي، بوصفه شعبًا شجاعًا ومبتكرًا، لن يستسلم لهذه التهديدات، وأن المعركة الحالية هي معركة سيادة وكرامة قبل أن تكون معركة نفط.
