بقلم الشيخ ـ مصلح علي ابوشعر
رجال القبائل في اليمن ، هم أصحاب النخوة والمروّة، تحكمهم العادات والتقاليد كما تحكمهم العقيدة والدين، ولقد أرهقت اليمن سنين الثأر، وسُفكت دماءٌ في غير حق، وارتفعت رايات الثأر بدل أن ترفرف رايات الصلح والإصلاح، الثأر ، ما عاد نخوة، بل صار لعنة تمزق النسيج القبلي اليمني وتُشمت فينا الأعداء، كنا إذا اختلفنا، حكّمنا العقل والعرف، وسعينا إلى المصلحين، أما اليوم، فقد صار السلاح أسبق من الكلمة، والدم أهون من الكلام.
الخلافات القبلية، مهما عظمت، لها مخرج إذا صلحت النوايا، ولها حلّ إذا ارتفعت المروءة، ولا زالت بيوت المشايخ مفتوحة، والمجالس عامرة، ومجاميع الصلح قائمة، ولكننا بحاجة أن نُعيد الاعتبار للحِكمة، وأن نستعيد هيبة العرف، وأن نُعيد للقبيلة دورها في حل النزاع لا إشعاله.
ومن أعمدة العرف القبلي التي كانت ولا زالت تحفظ الدم وتصون العرض، الرباعة والمخاوة.
فالرباعة، هي طلب الجوار والأمان، فإذا جاءك مَنْ يُربّع عندك، فقد دخل حماك، وصار في ذمتك، وله من الحق ما لك، وعليك أن تحميه كما تحمي عرضك وأهلك، ومن يخفر الرباعة، يخفر قبيلته ويكسر ظهر رجاله.
أما المخاوة، فهي ميثاق شرف بين قبيلتين أو رجلين، تقوم مقام الدم والقرابة، وفيها من الالتزام ما ليس في أي عهدٍ آخر. المخاوي لا يُهان، ولا يُخذل، وإذا نادى صاحبه أجابه، وإن استنصره نصره، وتلك كانت سبيلنا في لُحمة القبائل ووحدتنا أمام الخصوم.
كما أتمنى أن نُحيي هذه القيم، لا لنُعمّق الخصومة، بل لنُعيد لها معناها الحقيقي في نصرة الحق، وردع الظلم، وحماية الضعيف، وحفظ دم المسلم.
وأن نُطفئ نار الثارات، وأن نرفع رايات الصلح، ونُربي أبناءنا على أن الرجولة ليست في الأخذ بالثأر، ولكن في العفو عند المقدرة، وفي إصلاح ذات البين.
اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واحفظ على قبائل اليمن عزّها ووحدتها.
*عضو مجلس الشورى