hajjahnews

ترامب يئِد طموحاته

بقلم | وديع العبسي
بعد عامين من التشنج والاستغراق الأمريكي «الإسرائيلي» في رسم أفتك الأساليب لقتل الشعب الفلسطيني، اقتنعت واشنطن بأن حرب الإبادة التي ينفذها المحتل الإسرائيلي وقتل خلالها 11% من سكان غزة – حسب ما كشف السيد القائد عبدالملك الحوثي، الخميس – لم يعد لهذه الهمجية معنى أو جدوى استراتيجية على صعيد تثبيت دعائم بقاء كيان الاحتلال كحالة مفروغ منها. وعلى العكس من ذلك تسببت هذه الحماقة في رفع مستوى الكراهية في العالم تجاهها، كما زادت من مراكمة مظاهر الفشل، وعدم القدرة في التأثير وفرض الإرادة على هذا الشعب كي يقبل بتسليم أرضه لغزاة محتلين.
أمريكا هي المعنية الأصل بهذه الحرب، فاللوبي الصهيوني الذي يحرك السياسة الخارجية لأمريكا مستقر داخل الولايات المتحدة وهو من يحرك سياساتها على مختلف الصُعُد، ووصول ترامب إلى البيت الأبيض إنما كان مرتباً له من أجل تحريك واقع الكيان الإسرائيلي المحتل من حالة الجمود في اتجاه استكمال مخطط تمكينه من السيطرة على شعوب المنطقة ونهب ثرواتها والتحكم في مصيرها.
وربما لذلك كان من الطبيعي أن تظهر نغمة الثقة عالية المستوى في حديث ترامب عن إيقاف حرب الإبادة في غزة، فقد استوعب المخطط وكان السند القوي لتأزيم الوضع من أجل توفير عوامل النصر للكيان.
أمريكا هي من تغذي الحروب وهي من تتصنع بعدها العمل من أجل السلام، إلا أنه في حرب إبادة‍ غزة وبعد الوصول إلى لحظة يأس، اقتنع البيت الأبيض بأن «نتنياهو» فاشل وغير قادر على فعل شيء أكثر من قتل النساء والأطفال وتجويعهم ومنع الدواء عنهم.
في لحظة من الثقة الموهومة بأن كلمته مسموعة، تورط «ترامب» طويلا مع بداية ولايته الجديدة في الإعلان عن الكثير من الطموحات في المنطقة وحينها أراد من الآخرين – بغطرسة – أن يمتثلوا لمطالبه من أجل تحويل هذه الطموحات الحمقاء إلى واقع، فطالب بكل سذاجة أهالي غزة بالرحيل من القطاع وهجرة أراضيهم وتاريخهم، وطالب دولاً محيطة بان تهيئ مساحات من أراضيها للقادمين الفلسطينيين، وحين تبين له أن النظر إلى كلمته لا يزال عند مستوى الطيش، عمل على الترويج بأن هناك دولا أخرى يتم التنسيق معها لاستضافة الفلسطينيين.
أعقب ترامب هذيانه، بالحديث عن ريفيرا الشرق الأوسط وكأن غزة خالية من الناس تنتظر مجيئه لإنقاذها بمشاريعه العقارية، إلا أن توهماته كانت تنتهي إلى لا شيء، فكيانه المدلل ليس بمقدوره فعل شيء أكثر من تفعيل والاستفادة من الأسلحة التي تشحنها له واشنطن بشكل متواصل لقتل الفلسطينيين والاستعراض بها لإرهاب دول المنطقة.
باء ترامب بالفشل وفُرض عليه وأد طموحاته الصهيونية، فالظروف لم تعد تساعده على إنجاز أي خطوة في اتجاهها، وعليه اليوم أن ينزوي لترميم صورة بلاده كما والكيان التي تلطخت بعار السقوط إلى مستوى الحيوانية في قتل مواطنين عزل من السلاح ومنع وصول الغذاء والماء إليهم، فمجيئ النتيجة بهذا الشكل الطبيعي بعد كل هذا الكَمّ من الإجرام والوحشية قد ثبّت حقيقة حاسمة وهي أنه لا «ترامب» ولا «نتتياهو» ولا غيرهما بمقدوره فرض إرادته على الفلسطينيين وانتزاعهم من أرضهم تحت أي عنوان كان، ولن يلحق بالغزاة إلا الخزي.
وها هي حرب الإبادة تتوقف بشروط المقاومة ووجد ترامب ونتنياهو نفسيهما ملزمين بان يكيّفا رغباتهما مع هذه الشروط، فلا أسرى يمكن استعادتهم بلا مقابل، ولا تهجير للفلسطينيين، ولا رحيل للمقاومة، ولا تسليم مجاني لسلاحها.
مع ذلك؛ فإن العدو الإسرائيلي وبالدعم الأمريكي المفتوح لن يتوقف عن ممارسة جرائمه ضد الفلسطينيين، خصوصا وأننا في المرحلة الأولى من الاتفاق وسوابق العدو كثيرة في عدم الالتزام وقد لا تكون هناك مراحل أخرى، كما حدث من قبل، ما يستوجب عدم الركون إلى سلامهم الزائف. سيعيدون ترتيب أولوياتهم وسيضعون خططا جديدة ربما تكون أبرز أنشطتها الاعتماد على نخر الداخل بالمؤامرات وزرع الجواسيس وتكوين الخلايا، ليس على مستوى فلسطين فقط وإنما أيضا دول محور الجهاد والمقاومة.