عبدالمنان السنبلي
لن أسأل النظام السعوديّ اليوم طبعًا هل هو من أقدم على تصفية الشهيد الحمدي أم لا؛ لأنه، ببساطة، لم يعد خافيًا على أحد أنه هو من خطّط وموَّل وأشرف على تنفيذ هذه الجريمة النكراء والغادرة.
كما أنه لا يهمّني أن أسأل أَيْـضًا من هم المنفذون المباشرون لهذه العملية من العناصر المحلية، كونهم في حقيقة الأمر لم يكونوا سوى أدوات مدفوعي الأجر، وأنهم لو لم يقوموا بها أنفسهم، فسيقوم بها غيرهم طالما أن المخطّط كان جاهزًا والنيّة مبيّتةً مسبقًا.
لكني سأسأل، وأوجّه سؤالي هذا على وجه التحديد إلى أُولئك الذين لا يزالون يعتقدون أن السعوديّة لا يمكن أن تعمل أَو تتحَرّك بأي حالٍ من الأحوال ضد مصالح الشعب اليمني وأمنه واستقراره:
عندما اتخذت السعوديّة قرار قتل وتصفية الشهيد الحمدي، هل اتخذت ذلك القرار؛ مِن أجلِ مصلحة الشعب اليمني أم؛ مِن أجلِ مصلحة مَن يا تُرى؟!
هذا هو السؤال الذي كان، ولا يزال، يطرح نفسه.
ذلك أن الإجَابَة على هذا السؤال، بصراحة، ستوضّح اللبس لدى الكثيرين حول ما دأبت السعوديّة، ولا تزال، على القيام به في اليمن من عدوانٍ وتدخّلاتٍ سافرة في شؤونه على مدى أكثر من ستين عامًا.
فهل كان الشهيد الحمدي -مثلًا- ديكتاتورًا مستبدًّا قاهرًا للشعب اليمني حتى تأتي السعوديّة وتتدخل لتخلّصه من هذا الحاكم الطاغية المستبد، أم أنه كان مقبولًا ومحبوبًا من كُـلّ فئات وقطاعات الشعب اليمني؟!
وهل كان الشعب اليمني يومها يعيش في حالةٍ من البؤس والشقاء والحرمان وضيق الحال؛ بسَببِ حكم هذا الرجل، حتى تأتي السعوديّة وتتدخل لتخلّصه من شروره واحتكاره للسلطة والثروة؟ أم أن الشعب اليمني لم يعرف رخاءً وسعادةً وسعةً في الرزق والعيش إلا في عهده؟!
إذًا، الحقائق التي كانت ظاهرة وموجودة على أرض الواقع وفي نفوس وأحوال الناس يومها تقول إن السعوديّة لم تقتل الشهيد الحمدي؛ مِن أجلِ مصلحة الشعب اليمني، وإنما قتلته ظلمًا وحقدًا وعدوانًا على هذا الشعب، وضد كُـلّ مصالحه وحاضره ومستقبله ومستقبل أجياله المتعاقبة.
وبالتالي، فلا يمكن لمن ظلّ، ولا يزال، يُكنّ للشعب اليمني مشاعر الحقد والعداء، ويعمل كُـلّ ما بوسعه للحيلولة دون أمنه واستقراره وتقدّمه، أن يأتي اليوم ويزعم أنه قد جاءه محرّرا ومخلّصًا ومنقذًا، سوى أنه بفعله هذا إنما يمضي قدمًا في إنفاذ مشروعه الرافض لوجود يمنٍ موحّدٍ قويٍّ ينعم بالرخاء والاستقرار في خاصرته الجنوبية، وذلك من خلال تدميره والإجهاز عليه بدعوى ظاهرها فيها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب..!
عُمُـومًا، ستظل ذكرى اغتيال الشهيد الحمدي بالنسبة لليمنيين شاهدًا حيًّا ومثالًا واضحًا على بشاعة وقبح وجه هذا النظام السعوديّ وإجرامه، وإن حاول تلميعه بعض المنتفعين والمستفيدين من فتاته وفضلاته المشبوهة لبعض الوقت، فالعِبرة بجوهر الأمور لا بمظهرها، أَو كما يقولون..!
الرحمة والخلود للشهيد الحمدي وكل شهداء اليمن الأبرار، والخزي والعار لكل أعداء الشعب اليمني العظيم، ولا نامت أعين الجبناء.